سوريا: اختلاف الاهداف و التقاء المصالح تصعيد ثلاثي امريكي اسرائيلي تركي






منذ لحظة التدخل التركي في الشمال السوري بدأت كثير من المعطيات بالتغير. فالجميع يعلم ان التدخل التركي يهدف في جوهره لتحقيق اهداف متعددة، أهمها انهاء حلم الدولة الكردية التي باتت تلوح في الافق، ومواجهة تنظيم داعش في محاولة لكسر الصورة المتجذرة لعلاقة تركيا بالجماعات الارهابية المسلحة التي عبرت جدودها الى سوريا، أما الهدف الاهم فهو بلاشك التواجد على الارض السورية بحيث لايمكن اسقاط تركيا من معادلة الحل السياسي في سوريا خصوصاً ان وجودها العسكري على الارض يمنحها القدرة ايضاً على خلق ادوات عسكرية يمكن استثمارها سياسيا في المستقبل و هو الامر الذي فشلت الولايات المتحدة فيه على مدار السنوات الماضية.

من جهة أخرى،  عمل الاتفاق الروسي الامريكي على الحفاظ على اطار الحل السياسي من الانهيار، لكن يبدو واضحاً ان الممارسات على الارض تعمل على الابقاء على هيكلية الحل السياسي كمرجعية وحيدة و اساسية للحل في سوريا لكنها تعمل علي تأجيله وتدخل الملف السوري في مرحلة من التأزيم. فالمشهد السوري اليوم مفتوح على عدة جبهات، و عدة اطراف، تركيا و اسرائيل و الولايات المتحدة. فالتحرك الامريكي الاخير بتوجيه ضربة عسكرية للجيش السوري لا يمكن قراءته بعيداً عن رغبة الولايات المتحدة للتأسيس لواقع يشابه الى حد ما الواقع الذي تم التأسيسي له في العراق في مسألة الدور الامريكي في تحرير الموصل و محاولة تأسيس سيناريو شبيه في موضوع تحرير الرقة و الدور الامريكي في هذه العملية. اما من جهة أخرى فمن الممكن قراءة هذا التصعيد الامريكي ضمن سياق التناقض في الرؤية بين المؤسسات الامريكية من جهة و ايمان بعض المؤسسات الامريكية ان حل المسألة السورية يجب ان يكون اول الملفات التي يتعامل معها الرئيس القادم ذاك ان عامل الوقت بالنسبة لادارة اوباما التي تستعد للخروج بات يصب تماماً في المصلحة الروسية.

لهذا فان الوصول الي نقطة التوافق يعني تقديم تنازلات كبيرة في الموقف الامريكي و يضع الادارة الامريكية القادمة امام محددات كبيرة خصوصاً ان عامل الوقت يشير اليوم ان التعاطي مع مسألة الحل النهائي للملف السوري يبدو منطقياً انه لن يكون من نصيب الرئيس أوباما مما يعني انه سيكون من نصيب الرئيس القادم الى البيت الابيض.

اذاً قد تدفع السياسات المختلفة للدول المنخرطة في المشهد السوري الى تأجيل الوصول الى اي اتفاق عملي في الفترة القريبة القادمة لكن بالرغم من اي تصعيد متوقع فان مصلحة جميع الاطراف تقتضي الحفاظ على اطار الحل حتى لو لم يتم التوصل الى اي اتفاق، بصفتها نقطة مرجعية يمكن العودة اليها في لحظات التأزيم الخارج عن السيطرة.
فالولايات المتحدة ترغب بالحصول على دور عسكري في عملية تحرير الرقة و كذلك تسعى تركيا ان يكون لها كلمة وازنة في الحل السياسي في سوريا عبر استثمار تواجدها العسكري في الشمال السوري مما يعني ان السعي لتحقيق هذه الاهداف لابد ان ينعكس سلباً على المشهد السوري و على الوصول الى نقطة الحل السياسي.

د.عامر السبايلة


amersabaileh@yahoo.com